مقامة التوحيد
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مقامة التوحيد
مقامة التوحيد
{ فاعلم أنه لا إله إلا الله }
فيا عجبا كيف يعصى الإله
وفي كل شيء له آية
أم كيف يجحده الجاحد
تدل على أنه واحد
التوحيد ، هو حق الله على العبيد ، وهو أول ما دعا إليه الرسل ، وبه كل كتاب نزل ، وهو أصل
الأصول ، والطريق للوصول ، وبه عرف المعبود ، وعمر الوجود ، ولأجله أعدت الجنة والنار ،
وسل السيف البتار ، وقوتل الكفار ، ولإقامته في الأرض دعت الأنبياء ، وعلمت العلماء ، وقتل
الشهداء ، وهو أول مطلوب ، وأعظم محبوب ، وهو أشرف المقاصد ، وأعذب الموارد ، وأجل
الأعمال ، وأحسن الأقوال ، وهو أول الأبواب ، وبداية الكتاب ، وأعظم القضايا ، وأهم الوصايا ،
وخير زاد ، يحمله العباد ، ليوم التناد ، وهو قرة عيون الموحدين ، وبهجة صدور العابدين ، وهو
غاية الآمال ، وأنبل الخصال ، بل هو أعظم الكفارات ، وأرفع الدرجات ، وأكبر الحسنات ، وهو
منشور الولاية ، وتاج الرعاية ، والبداية والنهاية ، وهو الإكسير الذي إذا وضع على جبال الخطايا
أصبحت تذوب ، وصارت حسنات بعد أن كانت من الذنوب .
وعلى هذا حديث (( يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم جئتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك
بقرابها مغفرة )) .
وهو الذي هز في طرفة عين قلوب السحرة . فقالوا بعزم ماض : اقض ما أنت قاض ،
والمرأة التي سقت الكلب ، فغفر لها الذنب ، كان معها توحيد الرب ، والرجل الذي قتل مائة رجل ،
وذهب إلى القرية على عجل ، فأدركه الأجل ، غفر له بالتوحيد عز وجل . والتوحيد كنز جليل ،
في قلب الخليل ، فقال لما شاهد الكرب الثقيل ، حسبنا الله ونعم الوكيل .
ولما قال الصديق في الغار ، لسيد الأبرار ، لو نظر أحدهما لرآنا ولسمعنا ، قال : { لا تحزن
إن الله معنا } ، إنما قال ذلك بلسان الموحد ، وقد سدد بتوفيق الله وأيد .
وما فلق الله البحر للكليم ، إلا لأنه صاحب توحيد عظيم ، ونهج كريم ، ولو وضعت السموات
والأرض في كفة الميزان ، ولا إله إلا الله في كفة لكان لها الرجحان ، ولو كانت في حلقة حديد
لفصمتها ، وفي صخرة لفجرتها ، ولا إله إلا الله مفتاح الجنان ، وله أسنان ، من الواجبات والأركان
، وصاحبها لا يخلد في النار ، ولا يلحق بالكفار ، وقد قالوا لأحد العلماء وقد سجن ، وفي سبيل هذه
الكلمة ذاق المحن ، قل كلمة التوحيد، قال من أجلها وضعت في الحديد ، وقالوا لأحد الأولياء وقد
رفع على خشبة الموت ، وقرب منه الفوت ، قل لا إله إلا الله ولا تغفل ، قال : من أجلها أقتل .
وسمع أحد الصالحين رجلا يقول لا إله إلا الله ومد بها صوته فبكى وقال :
وإني لتعروني لذكرك هزة
كما انتفض العصور بلله القطر
وسمع أحد العلماء رجلا يقول : لا إله إلا الله ، قال : صدقت وبالحق نطقت .
فيا أيها العباد خذوا من التوحيد قطرة ، وضعوه على الفطرة ، وولوا وجوهكم شطره . ويا من
أثقله الهم ، وأحاط به الغم ، وهزه الألم الجم ، قل لا إله إلا الله .
ويا من أثقلته الديون ، أو غيبته الشجون ، وبات وهو محزون ، قل لا إله إلا الله .
ويا من اشتد به الكرب ، وعلاه الخطب ، اذكر الرب ، وقل لا إله إلا الله .
هي أجمل الكلمات قلها كلما
ضج الفؤاد وضاقت الأزمان
اقرأها بعين الروح ، قبل أن تقرأها بعينك في اللوح ، واكتبها في سويداء قلبك ، لتحملها إلى ربك ،
وتتخلص من ذنبك .
ولما قيل لفرعون ، قل لا إله إلا الله ، تلعثم الحمار وتعثر ، فدس أنفه في الطين وتدثر . وقيل
لأبي لهب قل لا إله إلا الله ، قال الخسيس ، أبى علي الجليس ، والأخ الرئيس ، إبليس . تقيأ
شاعر البعث المخذول ، ليقول :
آمنت بالبعث ربا لا شريك له
وبالعروبة دينا ما له ثاني
قلنا يا شاعر البعث ، وعزة ربي ليخزينك يوم البعث . يا شاعر الخمر والحشيشة ، قد أرغم أنفك
أبو ريشة ، فقال :
أمتي كم صنم مجدته
لم يكن يحمل طهر الصنم
من يأخذ تعاليمه من باريس ، حشر مع شيخه إبليس .
يا مسكين ، تتعلم حروف الهجاء من بكين ، وتهجر رسالة نزل بها الروح الأمين ، على سيد
المرسلين ، من رب العالمين .
يرضع الوليد حليب التوحيد ، حتى يأتيه الحليب الصناعي من مدريد ، ليرتد المريد .
صوت التوحيد يرتفع على كل صوت ، وقوته خير من كل قوت ، لخصه أبو بكر فقال : من كان
يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت
لولا أن كلمة أحد ، في قلب بلال مثل جبل أحد ، ما صمد .
التوحيد له كتاب ، وله قلم جذاب ، ومداد جميل ، وكاتب جليل ، فكتابه الكون وما فيه ، وقلمه قلبك
النبيه ، ومداده دمعك المترقرق ، والكاتب إيمانك المتدفق .
التوحيد له رسالة أبدية ، ودعوة سرمدية ، ولأصحابه إلى مستقرهم ممر ، وبعد مرورهم مستقر .
فرسالة التوحيد إفراد الباري بالألوهيه ، والربوبيه ، ودعوته اتباع سيد البشريه ، ورسول الإنسانيه
. وممر أصحابه الصراط المستقيم ، ومستقرهم جنات النعيم .
للتوحيد منبر ، ومخبر ومظهر ، ومسك وعنبر .
فمنبره القلب ، إذا أخلص للرب ، ومخبره النيات الصالحات ، ومظهره عمل بالأركان ، وخدمة
للديان ، ومسكه الدعاء والأذكار ، وعنبره التوبة والاستغفار .
للتوحيد عين وبستان ، وحرس وسلطان ، وسيف وميدان .
فعينه النصوص الواضحه ، وبستانه الأعمال الصالحه ، وحرسه الخوف والرجاء ، وسلطانه واعظ
الله في القلب صباح مساء ، وسيفه الجهاد ، وميدانه حركات العباد .
وللتوحيد قضاة وشهود ، وأعلام وجنود ، وحدود وقيود .
فقضاته الرسل الكرام ، وشهوده العلماء الأعلام ، وأعلامه شعائر الدين ، وجنوده فيلق من
الموحدين ، وحدوده ما جاء به الخبر ، وصح به الأثر ، وقيوده ما ورد من شروط ، للتوحيد
المضبوط .
من دعائم التوحيد ، عدم صرف شيء من العبادة لغير المعبود ، وتحريم تقديم شيء من لوازم
الألوهية لغير الله مما في الوجود ، وركيزته إخلاص ليس فيه رياء ، وعلامته إخبات ليس معه
ادعاء .
فلا تعبد النجوم ولكن يعبد مركبها ، ولا تعبد الكواكب بل يعبد مكوكبها ، ولا يؤله حجر ، ولا بشر ،
ولا شجر ، ولا مدر ، بل يؤله من فجر من الحجر الماء ، وأوجد الأحياء ، وخلق الشجر كأنها
أصابع الأولياء ، فسبحان رب الأرض والسماء .
الوحي هز أبا جهل هزا ، لأنه يتهزى ، وسجد للات والعزا . قاتل الله هبل ، ومن طاف حوله
ورمل ، أو نذر له أي عمل ، يا من خاف على نفسه من الحريق ، والدمار والتمزيق ، احذر من
الشرك { ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان
سحيق } إذا أخلصت التوحيد جاءك النصر ، وادخر لك الأجر ، ومحا عنك الوزر .
سمع أحد العباد قارئا يتلوا { فاعلم أنه لا إله إلا الله } ، فقال أواه ، وارتفع بكاه ، وكان أحد
الملوك الصالحين ، يسمع أحد القراء يقرأ بتلحين { شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا
العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم } فجلس يبكي ويقول وأنا أشهد مع الشاهدين .
قال أبو معاذ الرازي ، لو تكلمت الأحجار ، ونطقت الأشجار ، وخطبت الأطيار، لقالت لا إله إلا الله
الملك القهار . ولما قال فرعون اللعين : { فمن ربكما يا موسى } قال : { ربنا
الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى } ، فكأنما لكمه بالجواب ، ولطمه بالخطاب . ولما قال إمام
التوحيد للنمرود العنيد { فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب } ، بهت
وكذب ، وخسر وعذب ، وهذا لظهور آيات التوحيد وقوة سلطانه ، وعزة أهله وأعوانه ، وقد أمهر
يحيى بن زكريا التوحيد رأسه ، وقدم حمزة لما غمره من نور التوحيد رأسه ، ولما ذاقه جعفر ،
تقطع وبالرمل تعفر ، وذبح الخلفاء على بساطه ، وضرب الأئمة على التوحيد بأيدي الظلم وسياطه ،
ونحر الشهداء على فراش التوحيد وبلاطه ، وكم من موحد وضع في الزنزانة ، لما أعلن إيمانه .
ولما نطق حبيب بن زيد ، بكلمة التوحيد ، عند مسيلمة الكذاب العنيد . قطعه بالسيف فما أن ، ولا
قال له تأن ، بل اشتاق إلى الجنة وحن ، ولما ذهبوا بعبد الله بن حذافة إلى القدور ، والجثث فيها
تدور ، والتوحيد في قلبه يمور ، بكى وقال : يا ليت لي بعدد شعر رأسي أرواح ، لتذوق القتل في
سبيل الله والجراح .
وضرب طلحة يوم أحد بالسيوف والرماح ، فما شكى ولا صاح ، حتى سال بالدم جبينه ، وشلت
يمينه ، ويبقى دينه ، لأن التوحيد قرينه . وقاتل مصعب قتال الأسود ، حتى وسد اللحود ، لأنه
وحد المعبود . ولما حضر عبد الله بن جحش معركة أحد ، دعا واجتهد ، بكلام يبقى إلى الأبد ،
فقال : اللهم هيئ لي عدوا لك شديد حرده ، قوي بأسه ، فيقتلني فيك فيجدع أنفي ، ويبقر بطني ،
ويفقأ عيني ، ويقطع أذني ، فإذا لقيتك يا رب فقلت لي : يا عبد الله لم فعل بك هذا ؟ قلت : فيك
يا رب . فهل سمعت نشيدا كهذا النشيد ، وهل أطربك قصيدا كهذا القصيد ، لأنه من ديوان التوحيد
.
وضع أحد الظلمة أحد الأولياء ، بين يدي الأسد ليتركه أشلاء ، شمه الأسد ثم تركه وذهب ، قيل
للولي : لماذا تركك ؟ قال : بسبب التوحيد وهو أعظم سبب ، قالوا : فماذا كنت تفكر ؟ قال
: كنت أفكر في سؤر الأسد هل هو طاهر أم نجس يطهر .
واعلم أن صدق التوحيد أقام بعض الأولياء ، في الليلة الظلماء ، في ذروة الشتاء ، يتوضأ بالماء ،
ويقطع الليل بالصلاة والدعاء ، والمناجاة والبكاء ، وحرارة التوحيد أيقظت في الصالحين ، ذكر الله
كل حين ، فلهم بالتسبيح زجل وحنين ، وعزيمة التوحيد دفعت المنفقين ، وجعلتهم بأموالهم متصدقين
، على الفقراء والمساكين .
إذا ناداك نوح التوحيد ، وقال اركب معنا أيها العبد الرشيد ، فلا تفوتك سفينة الحميد المجيد ، وجد
إبراهيم بن أدهم ورقة مكتوب فيها الله وقد سقطت في الطريق فبكى وحملها ، وطهرها وطيبها ،
فطهر الله نفسه ، وطيب اسمه ، وقد أوصى صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل ، أن يكون أول ما
يدعو إليه توحيد الله عز وجل . وكان يبدأ بالتوحيد خطبه ، ويخط به كتبه ، ويدعو إليه ليلا ونهارا
، وسرا وجهارا .[b]
{ فاعلم أنه لا إله إلا الله }
فيا عجبا كيف يعصى الإله
وفي كل شيء له آية
أم كيف يجحده الجاحد
تدل على أنه واحد
التوحيد ، هو حق الله على العبيد ، وهو أول ما دعا إليه الرسل ، وبه كل كتاب نزل ، وهو أصل
الأصول ، والطريق للوصول ، وبه عرف المعبود ، وعمر الوجود ، ولأجله أعدت الجنة والنار ،
وسل السيف البتار ، وقوتل الكفار ، ولإقامته في الأرض دعت الأنبياء ، وعلمت العلماء ، وقتل
الشهداء ، وهو أول مطلوب ، وأعظم محبوب ، وهو أشرف المقاصد ، وأعذب الموارد ، وأجل
الأعمال ، وأحسن الأقوال ، وهو أول الأبواب ، وبداية الكتاب ، وأعظم القضايا ، وأهم الوصايا ،
وخير زاد ، يحمله العباد ، ليوم التناد ، وهو قرة عيون الموحدين ، وبهجة صدور العابدين ، وهو
غاية الآمال ، وأنبل الخصال ، بل هو أعظم الكفارات ، وأرفع الدرجات ، وأكبر الحسنات ، وهو
منشور الولاية ، وتاج الرعاية ، والبداية والنهاية ، وهو الإكسير الذي إذا وضع على جبال الخطايا
أصبحت تذوب ، وصارت حسنات بعد أن كانت من الذنوب .
وعلى هذا حديث (( يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم جئتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك
بقرابها مغفرة )) .
وهو الذي هز في طرفة عين قلوب السحرة . فقالوا بعزم ماض : اقض ما أنت قاض ،
والمرأة التي سقت الكلب ، فغفر لها الذنب ، كان معها توحيد الرب ، والرجل الذي قتل مائة رجل ،
وذهب إلى القرية على عجل ، فأدركه الأجل ، غفر له بالتوحيد عز وجل . والتوحيد كنز جليل ،
في قلب الخليل ، فقال لما شاهد الكرب الثقيل ، حسبنا الله ونعم الوكيل .
ولما قال الصديق في الغار ، لسيد الأبرار ، لو نظر أحدهما لرآنا ولسمعنا ، قال : { لا تحزن
إن الله معنا } ، إنما قال ذلك بلسان الموحد ، وقد سدد بتوفيق الله وأيد .
وما فلق الله البحر للكليم ، إلا لأنه صاحب توحيد عظيم ، ونهج كريم ، ولو وضعت السموات
والأرض في كفة الميزان ، ولا إله إلا الله في كفة لكان لها الرجحان ، ولو كانت في حلقة حديد
لفصمتها ، وفي صخرة لفجرتها ، ولا إله إلا الله مفتاح الجنان ، وله أسنان ، من الواجبات والأركان
، وصاحبها لا يخلد في النار ، ولا يلحق بالكفار ، وقد قالوا لأحد العلماء وقد سجن ، وفي سبيل هذه
الكلمة ذاق المحن ، قل كلمة التوحيد، قال من أجلها وضعت في الحديد ، وقالوا لأحد الأولياء وقد
رفع على خشبة الموت ، وقرب منه الفوت ، قل لا إله إلا الله ولا تغفل ، قال : من أجلها أقتل .
وسمع أحد الصالحين رجلا يقول لا إله إلا الله ومد بها صوته فبكى وقال :
وإني لتعروني لذكرك هزة
كما انتفض العصور بلله القطر
وسمع أحد العلماء رجلا يقول : لا إله إلا الله ، قال : صدقت وبالحق نطقت .
فيا أيها العباد خذوا من التوحيد قطرة ، وضعوه على الفطرة ، وولوا وجوهكم شطره . ويا من
أثقله الهم ، وأحاط به الغم ، وهزه الألم الجم ، قل لا إله إلا الله .
ويا من أثقلته الديون ، أو غيبته الشجون ، وبات وهو محزون ، قل لا إله إلا الله .
ويا من اشتد به الكرب ، وعلاه الخطب ، اذكر الرب ، وقل لا إله إلا الله .
هي أجمل الكلمات قلها كلما
ضج الفؤاد وضاقت الأزمان
اقرأها بعين الروح ، قبل أن تقرأها بعينك في اللوح ، واكتبها في سويداء قلبك ، لتحملها إلى ربك ،
وتتخلص من ذنبك .
ولما قيل لفرعون ، قل لا إله إلا الله ، تلعثم الحمار وتعثر ، فدس أنفه في الطين وتدثر . وقيل
لأبي لهب قل لا إله إلا الله ، قال الخسيس ، أبى علي الجليس ، والأخ الرئيس ، إبليس . تقيأ
شاعر البعث المخذول ، ليقول :
آمنت بالبعث ربا لا شريك له
وبالعروبة دينا ما له ثاني
قلنا يا شاعر البعث ، وعزة ربي ليخزينك يوم البعث . يا شاعر الخمر والحشيشة ، قد أرغم أنفك
أبو ريشة ، فقال :
أمتي كم صنم مجدته
لم يكن يحمل طهر الصنم
من يأخذ تعاليمه من باريس ، حشر مع شيخه إبليس .
يا مسكين ، تتعلم حروف الهجاء من بكين ، وتهجر رسالة نزل بها الروح الأمين ، على سيد
المرسلين ، من رب العالمين .
يرضع الوليد حليب التوحيد ، حتى يأتيه الحليب الصناعي من مدريد ، ليرتد المريد .
صوت التوحيد يرتفع على كل صوت ، وقوته خير من كل قوت ، لخصه أبو بكر فقال : من كان
يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت
لولا أن كلمة أحد ، في قلب بلال مثل جبل أحد ، ما صمد .
التوحيد له كتاب ، وله قلم جذاب ، ومداد جميل ، وكاتب جليل ، فكتابه الكون وما فيه ، وقلمه قلبك
النبيه ، ومداده دمعك المترقرق ، والكاتب إيمانك المتدفق .
التوحيد له رسالة أبدية ، ودعوة سرمدية ، ولأصحابه إلى مستقرهم ممر ، وبعد مرورهم مستقر .
فرسالة التوحيد إفراد الباري بالألوهيه ، والربوبيه ، ودعوته اتباع سيد البشريه ، ورسول الإنسانيه
. وممر أصحابه الصراط المستقيم ، ومستقرهم جنات النعيم .
للتوحيد منبر ، ومخبر ومظهر ، ومسك وعنبر .
فمنبره القلب ، إذا أخلص للرب ، ومخبره النيات الصالحات ، ومظهره عمل بالأركان ، وخدمة
للديان ، ومسكه الدعاء والأذكار ، وعنبره التوبة والاستغفار .
للتوحيد عين وبستان ، وحرس وسلطان ، وسيف وميدان .
فعينه النصوص الواضحه ، وبستانه الأعمال الصالحه ، وحرسه الخوف والرجاء ، وسلطانه واعظ
الله في القلب صباح مساء ، وسيفه الجهاد ، وميدانه حركات العباد .
وللتوحيد قضاة وشهود ، وأعلام وجنود ، وحدود وقيود .
فقضاته الرسل الكرام ، وشهوده العلماء الأعلام ، وأعلامه شعائر الدين ، وجنوده فيلق من
الموحدين ، وحدوده ما جاء به الخبر ، وصح به الأثر ، وقيوده ما ورد من شروط ، للتوحيد
المضبوط .
من دعائم التوحيد ، عدم صرف شيء من العبادة لغير المعبود ، وتحريم تقديم شيء من لوازم
الألوهية لغير الله مما في الوجود ، وركيزته إخلاص ليس فيه رياء ، وعلامته إخبات ليس معه
ادعاء .
فلا تعبد النجوم ولكن يعبد مركبها ، ولا تعبد الكواكب بل يعبد مكوكبها ، ولا يؤله حجر ، ولا بشر ،
ولا شجر ، ولا مدر ، بل يؤله من فجر من الحجر الماء ، وأوجد الأحياء ، وخلق الشجر كأنها
أصابع الأولياء ، فسبحان رب الأرض والسماء .
الوحي هز أبا جهل هزا ، لأنه يتهزى ، وسجد للات والعزا . قاتل الله هبل ، ومن طاف حوله
ورمل ، أو نذر له أي عمل ، يا من خاف على نفسه من الحريق ، والدمار والتمزيق ، احذر من
الشرك { ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان
سحيق } إذا أخلصت التوحيد جاءك النصر ، وادخر لك الأجر ، ومحا عنك الوزر .
سمع أحد العباد قارئا يتلوا { فاعلم أنه لا إله إلا الله } ، فقال أواه ، وارتفع بكاه ، وكان أحد
الملوك الصالحين ، يسمع أحد القراء يقرأ بتلحين { شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا
العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم } فجلس يبكي ويقول وأنا أشهد مع الشاهدين .
قال أبو معاذ الرازي ، لو تكلمت الأحجار ، ونطقت الأشجار ، وخطبت الأطيار، لقالت لا إله إلا الله
الملك القهار . ولما قال فرعون اللعين : { فمن ربكما يا موسى } قال : { ربنا
الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى } ، فكأنما لكمه بالجواب ، ولطمه بالخطاب . ولما قال إمام
التوحيد للنمرود العنيد { فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب } ، بهت
وكذب ، وخسر وعذب ، وهذا لظهور آيات التوحيد وقوة سلطانه ، وعزة أهله وأعوانه ، وقد أمهر
يحيى بن زكريا التوحيد رأسه ، وقدم حمزة لما غمره من نور التوحيد رأسه ، ولما ذاقه جعفر ،
تقطع وبالرمل تعفر ، وذبح الخلفاء على بساطه ، وضرب الأئمة على التوحيد بأيدي الظلم وسياطه ،
ونحر الشهداء على فراش التوحيد وبلاطه ، وكم من موحد وضع في الزنزانة ، لما أعلن إيمانه .
ولما نطق حبيب بن زيد ، بكلمة التوحيد ، عند مسيلمة الكذاب العنيد . قطعه بالسيف فما أن ، ولا
قال له تأن ، بل اشتاق إلى الجنة وحن ، ولما ذهبوا بعبد الله بن حذافة إلى القدور ، والجثث فيها
تدور ، والتوحيد في قلبه يمور ، بكى وقال : يا ليت لي بعدد شعر رأسي أرواح ، لتذوق القتل في
سبيل الله والجراح .
وضرب طلحة يوم أحد بالسيوف والرماح ، فما شكى ولا صاح ، حتى سال بالدم جبينه ، وشلت
يمينه ، ويبقى دينه ، لأن التوحيد قرينه . وقاتل مصعب قتال الأسود ، حتى وسد اللحود ، لأنه
وحد المعبود . ولما حضر عبد الله بن جحش معركة أحد ، دعا واجتهد ، بكلام يبقى إلى الأبد ،
فقال : اللهم هيئ لي عدوا لك شديد حرده ، قوي بأسه ، فيقتلني فيك فيجدع أنفي ، ويبقر بطني ،
ويفقأ عيني ، ويقطع أذني ، فإذا لقيتك يا رب فقلت لي : يا عبد الله لم فعل بك هذا ؟ قلت : فيك
يا رب . فهل سمعت نشيدا كهذا النشيد ، وهل أطربك قصيدا كهذا القصيد ، لأنه من ديوان التوحيد
.
وضع أحد الظلمة أحد الأولياء ، بين يدي الأسد ليتركه أشلاء ، شمه الأسد ثم تركه وذهب ، قيل
للولي : لماذا تركك ؟ قال : بسبب التوحيد وهو أعظم سبب ، قالوا : فماذا كنت تفكر ؟ قال
: كنت أفكر في سؤر الأسد هل هو طاهر أم نجس يطهر .
واعلم أن صدق التوحيد أقام بعض الأولياء ، في الليلة الظلماء ، في ذروة الشتاء ، يتوضأ بالماء ،
ويقطع الليل بالصلاة والدعاء ، والمناجاة والبكاء ، وحرارة التوحيد أيقظت في الصالحين ، ذكر الله
كل حين ، فلهم بالتسبيح زجل وحنين ، وعزيمة التوحيد دفعت المنفقين ، وجعلتهم بأموالهم متصدقين
، على الفقراء والمساكين .
إذا ناداك نوح التوحيد ، وقال اركب معنا أيها العبد الرشيد ، فلا تفوتك سفينة الحميد المجيد ، وجد
إبراهيم بن أدهم ورقة مكتوب فيها الله وقد سقطت في الطريق فبكى وحملها ، وطهرها وطيبها ،
فطهر الله نفسه ، وطيب اسمه ، وقد أوصى صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل ، أن يكون أول ما
يدعو إليه توحيد الله عز وجل . وكان يبدأ بالتوحيد خطبه ، ويخط به كتبه ، ويدعو إليه ليلا ونهارا
، وسرا وجهارا .[b]
basem355- عضو جديد
-
عدد الرسائل : 22
العمر : 52
جنسيتك : عربي
علمك :
المزاج :
تاريخ التسجيل : 05/10/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى